top of page

مجموعة السلطان الظاهر برقوق أو المدرسة الظاهرية أو مسجد ومدرسة وخانقاه وقبة الظاهر برقوق

شارع_المُعز_لدين_الله_الفاطمى.jpg

هي مجموعة معمارية أثرية شهيرة بالقاهرة، مبنية على الطراز الإسلامي المملوكي. تضم المجموعة مسجدًا ومدرسة وخانقاه وقبة ضريحية. أمر بإنشائها السلطان الظاهر سيف الدين برقوق مؤسس الدولة المملوكية الثانية (الجركسية أو البرجية)، وذلك تحت إشراف الأمير جركس الخليلي أمير آخور، خلال الفترة من 786هـ/1384م إلى 788هـ/1386م. تعتبر المجموعة بملحقاتها أول منشأة معمارية تبنى في عهد دولة المماليك الجراكسة، وكان في موضعها فندق يعرف بخان الزكاة. المجموعة كائنة بمنطقة النحاسين بشارع المعز لدين الله الفاطمي في الجزء المعروف ببين القصرين، وتتبع إدارياً قسم الجمالية بحي وسط التابع للمنطقة الغربية بالقاهرة. يجاور المجموعة عدة آثار إسلامية، فعلى أحد جانبيها تقع المدرسة الكاملية وحمام السلطان إينال، وعلى الجانب الآخر مسجد ومدرسة الناصر قلاوون ومجموعة السلطان المنصور قلاوون، ويقابلها سبيل محمد علي وقصر الأمير بشتاك ومدرسة الظاهر بيبرس ومدرسة وقبة نجم الدين أيوب وسبيل وكتاب خسرو باشا. أمر بإنشاء المجموعة المعمارية السلطان الملك الظاهر أبو سعيد سيف الدين برقوق بن آنص بن عبد الله العثماني اليلبغاوي الجركسي. وهو مؤسس وأول سلاطين دولة المماليك البرجية

 ومن ناحية أخرى اتفق برقوق مع الأمير يلبغا الناصري والأمير بركة الجوباني على التخلص من إينبك أثناء خروجه لقمع الثورة في سوريا، وهو ما حدث، وأصبح الحل والعقد بيد ثلاثة من الأمراء اليلبغاوية هم يلبغا الناصري الذي عين أتابكاً للعسكر، وبركة الجوباني الذي عين أمير مجلس، وبرقوق الذي عين أمير آخور. ولاحقاً أبعد بركة وبرقوق يلبغا الناصري إلى نيابة طرابلس، وخفاءً تنافسا على الزعامة، وبعدما تخلصا من طشتمر الذي كان يتولى الأتابكية مكان يلبغا، أسند المنصب إلى برقوق، فاستدعى يلبغا الناصري ليتولى إمرة سلاح، واستغل كره الناس لبركة وأخذ يعمل على التخلص منه، فتودد إلى المماليك الأشرفية وعادى مماليك بركة وأظهر نفسه في موقف المدافع عن السلطان أمام طغيان بركة، وعندما أصبح العداء سافراً بين الطرفين، دار بينهما معارك انتهت برجاحة كفة برقوق الذي وقف بجانبه العامة، وقبض على بركة ومماليكه وحبسوا بالإسكندرية، وحبس أيضاً يلبغا الناصري، ولاحقاً أوعذ برقوق سراً إلى نائب الإسكندرية بقتل بركة في السجن حتى لا يظهر أمام العامة في صورة سفاك الدماء

وعندما أدى مهمته أظهر برقوق غضبه عليه وسلمه لأتباع بركة فقتلوه. عندما توفي السلطان المنصور علي لم يجسر برقوق على التسلطن بعده رغم قوته ونفوذه وذلك لامتعاض كبار الأمراء الذين أجمعوا على الاحتفاظ بالعرش لبيت قلاوون، فسلطنوا الصالح حاجي على أن يشترك معه برقوق في تدبير أمور الدولة، فاتبع سياسة التقرب إلى العامة وزيادة شعبيته ما أخاف أعداؤه وفي نفس الوقت خشي أنصاره على أنفسهم من المؤامرات فاجتمعوا واستقر رأيهم على سلطنة برقوق سنة 784هـ/1382م، فعمل على إرساء قواعد دولته ومكافحة المماليك الترك ومؤامراتهم ضده، وتمثلوا في ذلك الوقت في فرقتين اليلبغاوية الترك الذين وافقوا على سلطنته فأشركهم في الحكم شكلياً ليأمن شرهم، وفرقة الأشرفية الترك وقد عادى هؤلاء، فلما ثاروا ضده أمعن في اضطهادهم وإبعادهم إلى سوريا فاتحدوا ضده بقيادة الأمير تمربغا الأفضلي المعروف بمنطاش نائب ملطية، فأفرج برقوق عن يلبغا الناصري وأعاده إلى نيابة حلب في محاولة لكسب تأييد اليلبغاوية فاتفق الاثنان منطاش ويلبغا على برقوق وحرضا أمراء مصر على الثورة ضده، فاضطر برقوق إلى تجريد عدد من أمراؤه لقتالهما بقيادة الأمير جركس الخليلي فقتل وهزمت عساكره، وتقدم يلبغا إلى القاهرة وفر من مع السلطان من المماليك إلا بعض مماليكه الخاصكية الذين انكسروا أمام مماليك يلبغا، فعرض برقوق الصلح سنة 791هـ/1389م وتنازله عن السلطنة مقابل الإبقاء على حياته، فوافق يلبغا وأمنه وحبس برقوق في قلعة الكرك، وأوصى يلبغا نائبها أن يفرج عنه إذا ثار منطاش عليه، أما يلبغا فلم يسلطن نفسه خوفاً من الأشرفية والجراكسة واستقر الرأي على إعادة السلطان الصالح صلاح الدين حاجي آخر ملوك أسرة قلاوون ولقب بالمنصور. أساء يلبغا استخدام سلطته، ونقم عليه منطاش ومماليكه لاستئثاره بالسلطة فهاجم القلعة ما اضطر يلبغا إلى الفرار، وتودد منطاش إلى السلطان فعينه أتابكاً، وتتبع يلبغا حتى قبض عليه وسجنه، واضطهد الجراكسة، وبدت الظروف تآزر عودة برقوق، فدبر منطاش لقتله، وقتل حسن الكجكني نائب الكرك، فكشف الأخير المؤامرة وتحالف مع برقوق، وبايع أهل الكرك برقوق، وانضم إليه الأمراء الجراكسة في مصر وسوريا، ومع وصول تلك الأنباء إلى منطاش جهز حملة بقيادته للزحف إلى سوريا ومعه السلطان، وعندما التقى الطرفان انكسرت عساكر منطاش وتقهقر إلى دمشق، واعتقل برقوق السلطان فأبدى رغبته بالتخلي عن السلطنة، وبويع برقوق بالسلطنة سنة 792هـ/1390م، وعاد إلى القاهرة التي استقبلته بحفاوة، وبدأ بناء دولته الجديدة معتمداً على العصبية الجركسية بسياسة عاقلة حذرة، فأفرج عن يلبغا الناصري وألطنبغا الجوباني كسباً لودهم واستغلالاً لعدائهم لمنطاش وأرسلهما لقتاله، فقتل ألطنبغا بينما انقلب يلبغا على السلطان بعد حين، فخرج برقوق بنفسه على رأس تجريدة إلى الشام وقتل يلبغا، وقبض على منطاش وقطع رأسه وعلقها على باب زويلة. وبالقضاء على ألد أعداؤه أزال برقوق أهم عقبات توطيد حكمه ولم تقم بعد ذلك أي محاولة للترك لإثارة الفتن والقلاقل ضد السلطنة المملوكية الثانية. بقي برقوق على كرسي السلطنة حتى توفي سنة 801هـ/1399م ودفن بصحراء المماليك (العباسية حالياً) مع مجموعة من العلماء والصالحين منهم الشيخ علاء الدين السيرامي وأوصى ببناء تربة عليهم يلحق بها مسجد وخانقاه، فنفذ وصيته ابنه الناصر فرج بن برقوق وأنشأ المبنى المعروف حالياً باسم مجموعة السلطان الناصر برقوق أو مسجد ومدرسة وخانقاه الناصر فرج بن برقوق، وقد أثنى عليه كثير من المؤرخين فوصفوه بالشجاعة وحب الفروسية وإجادة اللعب بالرمح، وأنه أبطل كثيراً من المكوس، أما ملكه فاتسع حتى وصل إلى ماردين والموصل وغيرها، وكان محباً للعمارة فأجرى إصلاحات بالحرمين المكي والمدني، وجدد عمائر أخرى بالإسكندرية ودمنهور ودمياط والقدس، وأنشأ قبة الشيخ رجب الشيرازي ثم هذه المدرسة

 

c7110d227bb1fb21e3b334a4cb6072ac.jpg
a5860eb1a34f30dd30f8bacbbd49d15f.jpg
dd5fa314c05726f633a24c9a6888ee31.jpg

التصميم

للمدرسة أربع إيوانات يتوسطها صحن مكشوف، أهمها الإيوان الشرقي وهو إيوان القبلة المفروش والمؤزر جانباه بالرخام، وهو مقسم إلى ثلاثة أروقة أو إيوانات أكبرها أوسطها الذي يفصله عن إيواني الأطراف صفان من الأعمدة الضخمة من الجرانيت ذات تيجان ثقيلة ولكل منهما سقف ذو دلايات، أما القسم الأوسط فبصدره المحراب الملبس بالرخام الأسود على شكل شرفات في أرضية بيضاء بها فصوص صدفية وفيروزية وحمراء تعد من أدق أعمال الرخام، وسقفه مستو يتوسطه سرة مخوصة ومحلى بنقوش مذهبة، وقد حاكاه فيما بعد الأشرف برسباي في سقف الإيوان الغربي بمدرسته بالأشرفية، وبطرف الإيوان دكة المبلغ من الرخام، كما يوجد به كرسي المصحف الذي طعمت جوانبه بحشوات من السن ملبسة في الخشب.

أما الإيوانات الثلاثة فهي معقودة، فيشغل جزء من الضلع الشمالي والجنوبي إيوانان صغيران متماثلان يتقدم كل منهما عقد كبير مدبب سقفه مغطى بقبو حجري مدبب. والإيوان الغربي هو المقابل لإيوان القبلة ويتكون من مستطيل يتقدمه عقد كبير مدبب ومغطى بقبو مدبب من الحجر ويكتنفه بابان أحدهما يؤدي إلى دورة المياه والآخر إلى الخانقاه وهي عبارة عن أربع مجموعات من خلاوي الصوفية بنيت متوازية وتتكون كل مجموعة من أربعة طوابق، ولا زالت بقاياها موجودة وقد لبست أعتابها بمزررات رخامية. بوسط الصحن فسقية عليها قبة أقيمت على ثمانية أعمدة وهي حديثة جددتها لجنة حفظ الآثار العربية لتحل محل سابقتها التي لم يبق منها إلا فوارتها

بجوار إيوان القبلة تقع القبة ويتوصل إليها من باب على الصحن يؤدي إلى المدرسة ثم إليها، وأمامها طرقة مربعة يحدق بها أربعة أبواب حفرت مصاريعها بزخارف نباتية مورقة، ويتوسط الضلع الشرقي محراب القبة المجوف وتعلوه طاقية ذات عقد مدبب، وعلى فتحة القبة حجاب من خشب الخرط، وهي قبة غنية بزخارفها في الوزرات الرخامية والنقوش، ويتوسطها قبر دفن فيه والد المنشئ وأولاده وفاطمة أم خوند وخوند شيرين زوجته، ويحيط بمربعها إفريز مذهب ينتهي بشرفة صغيرة، أما القبة الخارجية فقد أنشأتها لجنة حفظ الآثار العربية واحتفظت بمقرنصها القديم المزخرف والمذهب. وملحق بالقبة في جدارها البحري مكتبة لحفظ المصاحف.

ينتهي الطرف البحري بمنارة مكونة من ثلاثة دورات ملبسة بالرخام في دورتها الثانية، ويتكون الطابق الأول من مثمن يقوم على قاعدة مربعة، ويتكون الطابق الثاني من مثمن يحيط به شرفة مثمنة، أما الطابق الثالث فيتكون من جوسق من ثمان أعمدة، ويتوج المنارة خوذ كمثرية الشكل تنتهي بهلال من النحاس. أما الواجهة الرئيسية المشرفة على الشارع فهي عالية مبنية بالحجر، يبتدئ طرفها القبلي بالباب العمومي المكسي بالرخام الملون بطريقة فنية اقتبست من مسجد أصلم السلحدار. ركب على الباب الرئيسي مصراعان مغشيان بالنحاس المفرغ بنقوش دقيقة ومكفت بالفضة وهما أقرب المصاريع شبهاً بمصراعي مدرسة السلطان حسن الموجودان حالياً بمسجد المؤيد شيخ. ويتوسط واجهة المدخل حنية كبيرة يكتنفها مكسلتان، يؤدي الباب إلى دركاة مربعة غطيت بقبة صغيرة مثمنة الأضلاع ملبسة بالحجر الأحمر والأبيض، وبالضلع الشمالي للدركاة باب معقود يفضي إلى دهليز طويل منكسر مفروش بدوائر الرخام الملون.

بعد هزيمة المماليك اليلبغاوية على يد مماليك السلطان شعبان (المماليك الأشرفية) بعدما تخلص من سيدهم يلبغا الخاصكي العمري ومن بعده الأمير اسندمر الناصري، سجن السلطان عدداً كبيراً منهم وقتل عدداً آخر وأبقى بعضهم في خدمته ونفى بعضهم إلى الكرك وكان برقوق من بين هؤلاء المنفيين. امتاز برقوق بالذكاء وأخذ منذ الإفراج عنه يحيك المؤامرات ويخطط للوصول إلى الحكم، وأُلحق بخدمة الأمير منجك اليوسفي نائب دمشق، حتى استدعى مع المماليك اليلبغاوية إلى القاهرة، فتآمر مع صهره الأمير طشتمر العلائي على التخلص من السلطان شعبان، فتم لهم ما أرادوا، وتولى السلطنة من بعده ابنه السلطان المنصور علي، فبدأ اليلبغاوية يسيطرون على مقاليد الدولة، وانتقل برقوق للعمل في خدمة الأمير إينبك البدري الذي تولى الأتابكية ورقى برقوق من إمرة عشرة إلى إمرة طبلخاناه. بدأ إينبك يعد نفسه ليكون سلطاناً، ولكن الأمير طشتمر حث الأمراء اليلبغاوية في سوريا على الثورة ضده من ناحية،

الترميم

من أعمال الترميم القديمة بالمجموعة منبر إيوان القبلة، وهو منبر خشبي بسيط أضافه للمجموعة السلطان الملك الظاهر سيف الدين جقمق واسمه منقوش عليه بما نصه «أنشأ هذا المنبر المبارك السلطان المالك الملك الظاهر محمد أبو سعيد جقمق عز نصره»وخلال القرن التاسع عشر قامت لجنه حفظ الاثار العربية أعمال جليلة في ترميم عمارة مباني المجموعة، فأصلحت رخامها ونجارتها وقومت مبانيها وأصلحت السقوف وذهبتها، كما أنشئت القبة الكبيرة سنة 1311ه /1893م  طبقاً لصورة قديمة واحتفظت بمقرنصها القديم المشحون بالزخارف الملونة والمذهبة، وكذلك أنشئت قبة الفسقية بالصحن المكشوف سنة 1314ه /1896م  لتحل محل سابقتها القديمة التي لم يبق منها إلا فوارتها. وقد عثرت اللجنة سنة 1938م على نحو مائة وخمسين قطعة زجاجية من مشكاوات منقوشة بالميناء بالمكتبة الملحقة بالقبة وتم إيداعها دار الآثار العربية، فأكملت بها مشكاوات ناقصة كانت منقولة إليها من المجموعة في وقت سابق وخضعت المجموعة حديثاً لأعمال ترميم ضمن مشروع تطوير القاهرة التاريخية وتحويل شارع المعز لدين الله الفاطمي إلى متحف مفتوح

bottom of page